احدث الاخبار

غزة. أعراسٌ بلا شهر عسل !

غزة. أعراسٌ بلا شهر عسل !
اخبار السعيدة - بقلم - د. فايز أبو شمالة         التاريخ : 26-07-2010

كان "حاتم البردويل" في غاية الأمل، وينتظر اللحظة التي سيمسك فيها بيد أخته العروس، ويودعها أمانة لدى عريسها، فهو الشاب البالغ العاقل الوحيد وسط مجموعة من الأخوات، وكي تمضي ليلة فرح أخته بسلام، كان "حاتم" يضرع إلى الله  صباحاً ألا يموت جارهم "عبد الحكيم عامر" في هذا اليوم، وأن يعبر الأزمة القلبية، ويعود لأولاده بسلام؛ وكي لا ينطفئ فرح أخته، وتُصبغُ ليلتها باللون الأسود.

ولكن الحياة لا تمشي وفق الأماني، فقد توفى الجار قبل الفرح بساعات، ومع ذلك، فقد كان رد عائلة المتوفى لعائلة العروس: واصلوا فرحكم، وزوجوا ابنتكم، ونحن نقدر مشاعركم، ومشاركتكم لنا الأحزان. ولاسيما أنكم قد رتبتم أمر فرحكم بشكل مسبق، واصلوا فرحكم، سنقيم بيت العزاء في مخيم خان يونس، وننقل جميع أفراد أسرة المتوفى بعيداً عن بيت جيرانهم في بلدة "القرارة"، واصلوا فرحكم، وأعطوا للحياة في غزة فرصتها، وهي تجابه الموت. وأعطوا للعروس بهجتها، واطردوا الأحزان بالزغاريد.

لم يخطر في بال "حاتم" أنه سيستدعى من تنظيمه في هذا اليوم بالذات، قبل ساعات من فرح أخته، وأنه سيلبي النداء بشهامة، ودون تردد، وأنه سيشارك في إطلاق القذيفة الأولى على المستوطنات الإسرائيلية في محيط غزة، وأنه سيطلق القذيفة الثانية دون وجلٍ، ليرتقي شهيداً مع إطلاق القذيفة الثالثة.

عاد حاتم ملفوفاً بدموع العروس، عاد مستشهداً، عاد بعد أن حاول أن يمد يده إلى شمعة فرح أخته العروس ليشعلها، فاحترق فستانها الأبيض بالأحزان، وترك من خلفه السؤال: من الذي زرع الدموع، وكسَّر الشموع؟ ولماذا؟ لماذا في هذا اليوم بالذات تهب عواصف الأحزان، تقتلع النعناع، وتكسر غصن الريحان؟

مقالي هذا ليس ضد المقاومة، ولا أعترض على القضاء والقدر، ولا أدرأ بالصمت الخطر، ولكنني أرفض التوقيت الذي لم يتنزّل من السماء، وإنما يقرره بنو البشر!!

لقد سبق الشاعر محمود درويش الجميع حين قال:

قالتْ الأمُّ: في بادئ الأمرِ لمْ أفهمُ الأمرَ، قالوا: تزوّج منذ قليلٍ،

فزغردتُ، ثم رقصتُ، وغنيّتُ حتى الهزيعِ الأخيرِ من الليلِ، حيثُ مضى الساهرون

ولم تبقْ إلا سلالُ البنفسجِ حولي.

 تساءلتُ: أين العروسانِ؟

قيلَ: هنالك فوقَ السماءِ، ملاكانِ يستكملان طقوسَ الزواجِ،

 فزغْردْتُ، ثمَ رقصتُ، وغنيتُ حتى أُصِبتُ بداءِ الشَّللْ.

فمتى ينتهي، يا حبيبيَ، شهرُ العَسَلْ!؟

عدد القراءات : 3050
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات