فارس بلا جواد .... وجواد بلا فارس
يرتبط لفظ الفارس دائما بالجواد الذي يمتطيه فمن غير المتصور أن يوصف شخص بأنه فارس وليس له جواد فان الفارس هو الذي يتحكم في لجام جواده أن أراد أن يكبح جماح الجواد أو يطلق له العنان والجواد هو أهم ما يعتد عليه الفارس في إظهار الشجاعة والقوة والبأس – يقدر الفارس تخطى الحواجز والسدود من فوق جواده يستطيع الفارس أيضا أن يلقى أعدائه بالسهام من فوقه كما يستطيع استخدام فنون المبارزة والقتال منة فوقه .
ولكن من هو ذلك الفارس الذي جرد من جواده وسهامه ونباله وتحول سيفه البطار الى قلم ورغم ذلك ظل فارس يحقق ما يحققه الفارس الذي يمتطى الجواد المدجج بالسلاح وهو اعزل إلا من قلمه وإيمانه برسالته وثقته انه الأقوى والأعلم على الرغم من ارتفاع السدود وظلمة الطريق ذلك الفارس هو من يحمل لقب ( محامى ) فمن يحمل هذا اللقب هو أكثر الناس علمه بحقوقه ولا يرتضى أن تهدر هذه الحقوق ويحارب للحصول عليها لنفسه وللغير ممن ينشدون الحق والعدل لقب بالقضاء الواقف وسلب منه هذا اللقب ومع ذلك ظل وافقا شامخا غير مقيد الحركة ليس جليس أو كسيح يرى في وفقته شموخ وعزه وتواضع يقف حينما ينادى على من أوكل إليه قضيته يتبارى في الدفاع عنه بكل ما أوتى من علم – سلب منه لقب المستشار وهو المستشار الحقيقي فالمستشار هو من يلجاء إليه الناس لطلب الاستشارة والرأي والنصيحة ومنح هذا اللقب لمن لا يستطيع أن يبدى الاستشارة وإذا طلب منه الاستشارة وابدأها خالف قانون وظيفته – القضاة لقبوا بالمستشارين وهم لا يقدمون الراى أو المشورة – فهل يستطيع اى فرد الذهاب الى إحدى المحاكم وطلب مقابلة احد القضاة ليستشيره في إحدى القضايا أو يطلب من استشارة مكتوبة ورغم يقين السادة القضاة الملقبين بالمستشارين أنهم لا يستطيعوا تقديم الاستشارة إلا أنهم يتمسكون بهذا اللقب المغتصب من أهله ( المحامون ) – ورغم أن ساحات وقاعات المحاكم هي المضمار الرئيسي لفارسان المحاماة فنجد من يتعمد أن يضع الحواجز والسدود أمام الفرسان ومن تلك الحواجز عدم توفير أماكن للفرسان ليستريحوا من عناء السباق فنجد غرف محامين لا تليق بهؤلاء الفرسان فهي مكتظة وغير مكيفة ومساحاتها لا تتناسب مع عددهم في حين نجد الكثير من الغرف المخصصة لأعضاء الهيئة القضائية رحبة فسيحة مكيفة علها حارس رغم الزعم بان المحاماة والقضاء جناحي العدالة .
يتمسك فرسان العدالة بعدم التدخين داخل قاعات التحقيق قادرين على كبح شهواتهم في سبيل تحقيق العدالة لمن أوكل إليهم الدفاع عن حقوقهم في حين لم يستطع المحقق كبح هذه الشهوة فيباشر التحقيق وهو يدخن السيجارة وقاعات المحاكم توجهه المراوح الى المنصة لتلطيف الجو لهيئة المحكمة في حين فارس العدالة يجلس في جو خانق مليىْ بالغبار والأتربة – يقف فارس العدالة أمام قاعة المحكمة قبل التاسعة صباحا ملتزما بمواعيد بداء الجلسات في الوقت الذي لم يدق منبه من يباشر الجلسة إلا الساعة العاشرة .
سلب من فارس العدالة حقه كانسان في الحصول على أجازة قضائية في الوقت الذي يحصل القضاء الجالس على أجازة منتظمة يعانى فارس العدالة للحصول على حقه في العلاج نظرا للوائح وموارد صندوق العلاج في حين يحصل القضاة على كل ما يريدون من ألوان العلاج بلا حد أقصى .
ترفض البنوك منح فارس العدالة قرض حتى ولو قدم ضامن في حين يحصل القاضي على قروض وبدون ضمانات – يستطيع القاضي الوقوف بسيارته في الأماكن الممنوع الوقوف بها في ذات الوقت التي تحرر المخالفات لسيارات فرسان العدالة.
فإذا كان جناحي العدالة مؤهلين بذات المؤهل ( ليسانس الحقوق ) يرتدون ذات الزى صيفا وشتاء ( البدلة ) كل منهما يتوشح القاضي بوشاحه والمحامى بروب المحاماة – القاضي يكتب حكما وفارس العدالة يكتب صحيفة الدعوى والمذكرة – فيجب أن يتساوى جناحي العدالة في الحقوق والامتيازات والحصانات – وقد اعتبر القانون أن أعمال الهيئة القضائية من الإعمال النظيرة للمحاماة كيف يكون الجالس نظير الواقف – كيف من ياتى إليه موظفين المحاكم أمرا يكون نظير من يقف أمام ذا ت الموظفين قهرا وجبرا – كيف يكون من حصل على علاج دون حد أقصى أن يكون نظير من يحدد له سلفا قيمة علاجه – كيف من يستثنى من سداد كامل الاشتراكات بالنوادي نظير لمن يسدد كامل اشتراكه – كيف يكون نظير من يمنح قروض بلا ضمانه لمن لا يمنح قرضا ولو قدم ضمانه – كيف يكون من لم يتعامل مع المحضرين وكتاب الجلسات ومن لم يطلع على الأجندة نظيرا لمن قام بكل هذه الإعمال - طيف يكون من كتب صحيفة دعوى ومذكرة نظيرا لمن لم يكتب في حياته صحيفة دعوى – فرسان العادلة ليسوا نظراء القضاة وليسوا القضاة نظراء فرسان العدالة وعلى الرغم من ذلك يتهافت القضاة على القيد بنقابة المحامين بعد خروجهم الى المعاش استنادا لنص قانوني بأنهم نظراء فرسان العدالة .
الحقيقة الثابتة أن فرسان العدالة يحملون لقب الفارس ولكن بلا جواد – مهما جرد فرسان العدالة من أسلحتهم فسوف يظلوا هم الفرسان الحقيقيون للعدالة .
*رئيس جمعية المستشارين القانونيين المصريين