احدث الاخبار

هيكلة الجيش والأمن أولاً (افتتاحية صحيفة المنابر)

هيكلة الجيش والأمن أولاً (افتتاحية صحيفة المنابر)
اخبار السعيدة - بقلم: عبدالكريم غانم         التاريخ : 17-03-2012

هناك مؤشرات توحي بعزم الرئيس عبد ربه منصور هادي، على المضي بهيكلة الجيش والأمن، أهمها قرار تنحية قائد المحور الجنوبي من منصبه، وتشكيل لجنة عسكرية لحصر ممتلكات القوات المسلحة، وينتظر الشارع اليمني -خصوصاً شباب الثورة- سماع المزيد من القرارات بنقل أو تنحية بعض القادة في القوات المسلحة والأمن سواء من المساندين للثورة أو الموالين للنظام السياسي السابق، ممن كان لهم نفوذ نتيجة لقرابتهم من مركز القرار قبل انتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي، بما يسهم في تسهيل عملية الهيكلة، فتحقيق ما تبقى من بنود المبادرة ومطالب الثورة الشبابية، بما فيها صياغة الدستور الجديد، مرهونة بإعادة هيكلة الجيش والأمن، لضمان عدم الالتفاف على تنفيذ المبادرة، وعدم توتير الوضع الأمني داخل البلد، وبغض النظر عن النموذج الذي يمكن إتباعه لهيكلة الجيش والأمن، إلا أن هذه العملية من شأنها إعادة بناء الجيش والأمن على أسس وطنية وإنهاء شخصنة المناصب العسكرية وتعزيز ارتباط الوحدات العسكرية بالوزارات المعنية، لتصبح مختلف الوحدات العسكرية في القوات المسلحة تحت القيادة الفعلية لوزارة الدفاع و كافة الوحدات الأمنية تحت القيادة الفعلية لوزارة الداخلية، وفق هيكلية تتضمن توصيفاً دقيقاً للمناصب العسكرية بمستوياتها المختلفة، كما تتضمن توزيعاً مهنياً للصلاحيات، بما يُمكِّن الجيش والأمن من أداء وظائفهما على نحوٍ عالٍ من السرعة والإتقان،  من خلال التوصيف الدقيق لصلاحيات كل منصب، وتحديد معايير مُنصِفة وشفافة لنظام الأجور والمرتبات والترقيات، ونحن على ثقة بأن هذه الهيكلة ستسهم في إنهاء عملية الازدواج الوظيفي، إذ لا يزال عدد كبير من منتسبي وزارة الدفاع و منتسبي الأمن السياسي وغيرهم، يشغلون وظائف مدنية، كما لن يظل بإمكان أفراد الجيش والأمن الانقطاع عن أعمالهم الرسمية مقابل ما يتم دفعه من إتاوات لمن يتسترون على انقطاعهم، ومن الأهمية بمكان أن ترافق عملية الهيكلة تحديد قائمة معايير وطنية على درجة عالية من المهنية لتنظيم آلية الانتساب إلى القوات المسلحة والأمن بما يمنع استمرار الوساطة و المحسوبية، حتى لا نجد أرقاماُ عسكرية تُمنح لأطفال حديثي الولادة أو لتلاميذ في صفوف الدراسة وحتى لا  نجد في معسكرات الاستقبال أطفالاً دون سن الثامنة عشرة أو كهولاً في الخمسينات من العمر، أو معاقين حركياً، إذ أن هناك مؤسسات معنية بالضمان الاجتماعي، مهمتها إعاشة العجزة والمعاقين، غير القوات المسلحة والأمن التي تتطلب قدرات بدنية جيدة ولياقة عالية. وقطعاً ستصدق المقولة التي طالما رددناها دون أن نراها ( الشرطة في خدمة الشعب) لتصبح مهمة الشرطة في المرحلة القادمة تحقيق الأمن للمواطن لا إخافته، وفي تقديري، أننا سنرى الأمن المركزي وقد سلَّم ما بحوزته من أسلحة ثقيلة، كالمدافع والدبابات للقوات المسلحة، و استبدلها بخراطيم المياه والهراوات.

ومن المؤكد أن وظيفة كلٍ من الجيش والأمن ستتغير، من حماية فرد أو عائلة حاكمة، إلى حماية الوطن والمواطن، وبمقتضي هذا التغير في وظيفة الجيش والأمن ستتغير العلاقة بين العسكري والمواطن، من علاقة استعلاء واستغلال و تخوين من قِبل العسكري للمواطن، يقابلها الخوف من الجندي وكراهيته، إلى رحاب علاقة تقوم على خدمة الوطن والمواطن وفق معايير مهنية، يقابلها تقدير المواطن للجندي واعتزاز  بدوره، لأن وظيفة الجيش ستصبح حينها حراسة الحدود البرية والبحرية للوطن والتصدي لأي عدوان خارجي، والحفاظ على سيادة الوطن وحمايته من أي انتهاك لأجوائه أو مياهه الإقليمية، ومواجهة الكوارث التي قد يتعرض لها السكان في أي منطقة يمنية، ومن المؤكد أننا لن نرى مستقبلاً أن الجيش اليمني يُصوب سلاحه ضد أي مواطن، أو حزب سياسي أو مكون اجتماعي أو ديني داخل اليمن، لذلك لن يظل هناك أي مبرر لبقاء معسكرات القوات المسلحة داخل المدن.

ولأن الهيكلة ستقوم على أسس وطنية فمن شأنها أن تنهي احتكار المناصب القيادية المختلفة في الجيش والأمن لاعتبارات شخصية أو قرابية أو طائفية أو قبلية، إذ ستخضع عملية الوصول إلى المناصب القيادة لمعايير علمية ومهنية، بما يسمح بظهور قادة للجيش والأمن من خارج القبيلة التي ينتمي إليها الرئيس ومن غير أقاربه .

عدد القراءات : 8953
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات