اخبار السعيدة - صنعاء (اليمن) حاوره - حمدان الرحبي
التاريخ : 01-02-2014
انتهى مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، ليغلق معه صفحة من صفحات الصراع السياسي المزمن، فبعد مخاض طويل، استمر عشرة أشهر، نجحت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، من نقل الصراع السياسي من فوهة البنادق إلى الطاولات المستديرة، وإيقاف حرب أهلية كانت وشيكة، ويتحدث نائب أمين عام مؤتمر الحوار ياسر الرعيني، في هذا الحوار عن كثير من تفاصيل مؤتمر الحوار، والتحديات التي اعترضت طريقه، ويكشف الرعيني في حواره مع «الشرق الأوسط» عن القضايا المتعلقة بمخرجات الحوار، وأهم الضمانات المرتبطة بتنفيذها، مطالبا بأن يلغي موضوع المحاصصة السياسية، في المناصب الحكومية، وأن يتم اعتماد معايير الكفاءة والخبرة عند التعيين في المناصب التنفيذية.
* ما هي الخطوة القادمة بعد انتهاء الحوار؟
- توسيع لجنة التوفيق التي ستكون معنية بمتابعة مخرجات الحوار الوطني وصياغة دستور جديد، وقد تم الاتفاق على أن تتوسع لجنة التوفيق بحيث يمثل فيها كافة المكونات، ويكون للجنوب 50 في المائة والشباب 20 في المائة، والمرأة 30 في المائة. ثم سيقوم الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتشاور مع الحكومة ولجنة التوفيق، بتشكيل لجنة صياغة الدستور، حيث ستكون لجنة فنية، ومهمتها تحويل مخرجات مؤتمر الحوار، إلى قوالب وصيغ دستورية ليتم طرح الدستور للاستفتاء عليه.
* هل ستحول لجنة التوفيق إلى جهة تنفيذية وجهاز حكومي؟
- يجب أن نفرق بين الجانب التنفيذي، المتمثل بالحكومة وأجهزتها ومؤسساتها ومهامها الخدمية، والحوار الوطني، لهذا فإن لجنة التوفيق ستكون لجنة وطنية لمتابعة تنفيذ مخرجات وتوصيات الحوار الوطني، فقط، بحيث تبدأ البلاد في صياغة دستور جديد، يحتكم إليه الجميع، ثم تبدأ بعدها العملية السياسية، وإعداد القوانين، والمؤسسات الجديدة التي سيأتي بها الدستور الجديد.
* المخاطر الأمنية هل تمثل تهديدا لإعاقة تنفيذ مخرجات الحوار في المستقبل؟
- أعتقد أن على الحكومة والأجهزة التنفيذية الأمنية والعسكرية، أن تقوم بواجبها في تثبت الأمن والاستقرار، لا نريد أن نسمع عن بيانات تعلن فيه أسماء المخربين للنفط أو الكهرباء، نريد أن تمارس الأجهزة دورها في ضبط المخربين، واعتقالهم.
* هل ستشهد المرحلة القادمة إلغاء المحاصصة، بين الأطراف السياسية؟
- موضوع المحاصصة كانت مسألة سيئة، ونطالب بإلغائها، وينبغي أن تكون المناصب والتعيينات في الأجهزة التنفيذية، وإسناد المهام لشخصيات بناء على معايير الكفاءة والخبرة، وعلى معايير الحكم الرشيد، وقد تحدثت وثيقة الضمانات على مبدأ الشراكة والتوافق في مرحلة بناء الدول، ولم تتحدث عن المحاصصة.
* هل لبت مخرجات مؤتمر الحوار ما كان يتمناه المواطن اليمني وشباب الثورة؟
- مؤتمر الحوار هو ثمرة من ثمار الثورة الشبابية السلمية، وهو نتيجة لنضال الحراك السلمي الجنوبي، فمؤتمر الحوار هو أول مؤتمر في تاريخ البلاد، الذي تجتمع فيه مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية، وما خرج به مؤتمر الحوار هو في صميم تطلعات شعبنا اليمني، الذي ظل يناضل من أجلها عقودا من الزمان، وبالتالي هذه المخرجات جاءت من حاجة الشعب إلى التغيير ولبت كافة تطلعاته.
* هناك من ينتقد مؤتمر الحوار بأنه يمثل أطراف الصراع السياسي ولا يمثل الشعب اليمني، تمثيل الشعب يتم عبر صندوق الانتخابات؟
- هناك جزأيتان الأولى أن التمثيل في مؤتمر الحوار الوطني، ليس بين طرفين متصارعين فقط، سلطة ومعارضة، الحوار ضم 565 شخصا يمثلون المجتمع ككل، أحزابه السياسية، والشباب، والمرأة ومنظمات المجتمع المدني، والحراك الجنوبي، والمهمشين، فمثلا تمثيل مكون الشباب المستقل شارك بما لا يقل عن 26 في المائة، والمرأة بـ30 في المائة.
* كيف نجحتم في إدارة أطراف الصراع السياسي على طاولات الحوار الوطني؟
- كما قلت لم يكن الحوار خاصا بقوى الصراع فقط، هناك منظمات المجتمع المدني، والشباب، وغيرهم، وكان النظام الداخلي للحوار الوطني يتيح للجميع أن يشاركوا في أي قرار يتم اتخاذه، بمعنى أن آلية الحوار ولائحته الداخلية لا تتيح لأي طرف أن يتحكم في اتخاذ القرار أو الانفراد به، وفرضت هذه الآلية على الجميع التوافق، فالحوار سار في اتجاهين، الأول معالجة الصراعات الماضية، مثل القضية الجنوبية، قضية صعدة، العدالة الانتقالية، والاتجاه الثاني، رسم ملامح المستقبل، والبناء الهيكلي العام للدولة.
* عشرة أشهر من الحوار الوطني، كم هي القرارات والجلسات التي خرج بها؟
- تم توزيع المشاركين 565 شخصا، على تسعة فرق عمل، كان لدينا أربع جلسات عامة، الجلسة الافتتاحية، والجلسة النصفية، والجلسة العامة الثالثة، والجلسة الختامية، أما جلسات العمل فقد عقدت فرق العمل والفرق المصغرة ما يزيد عن 1300 جلسة، فيما بلغت القرارات التي خرجت بها الفرق ما يزيد عن 1800 قرار، وتم اختتام مؤتمر الحوار بالوثيقة النهائية، التي تضمنت، تقارير فرق العمل والبيان الرئاسي، وخطابات رئيس الجمهورية، والضمانات، وموضوع صياغة الدستور، والنقاط الـ20 والنقاط 11. وقد تم إقرارها من جميع الأطراف.
* ما هي الصفة القانونية لمخرجات الحوار الوطني، هل ستكون قرارات دستورية أو قانونية؟
- مخرجات مؤتمر الحوار، سيتم صياغة دستور منها، يتم طرحه للاستفتاء على الشعب، لكن من الصعوبة أن تتحول جميع القرارات إلى صيغ دستورية، فالحوار خرج بقرارات دستورية وقرارات قانونية، وتنظيمية، وتوصيات، وملاحظات، مثل النقاط العشرين والنقاط الـ11.
* وماذا عن مرتباتكم التي يقال: إنها باهظة؟
- كل ما ذكر عن مرتبات فريق الأمانة العامة غير صحيح، نحن جئنا إلى هذه المناصب لخدمة وطننا ولم يكن لدينا أي مطامح، مادية أو مناصب، ولهذا ربما نقول: إن الجهود التي قامت بها الأمانة العامة لا يمكن قياس أي مقابل مادي لها، نحن كفريق عمل عددنا ما يزيد عن 140 موظفا، إضافة إلى عدد من المتطوعين، والجميع عمل كفريق واحد، بكل انسجام وبروح وطنية.
* أين تكمن المعوقات والتحديات التي واجهها الحوار الوطني؟
- كان من أكبر التحديات وأهمها هو عقد مؤتمر الحوار، والانتهاء منه، وجمع كل الأطراف على طاولة واحدة، وكان هناك مراهنون على فشل ذلك، لكننا بحمد الله نجحنا، وهذا بحد ذاته إنجاز تاريخي، وهنا تجلت الحكمة اليمانية، حيث تخلى الجميع عن لغة الرصاص، والتقوا حول طاولة واحدة، وأثبتت المكونات السياسية مصداقيتها للخروج من كل الإشكاليات والصراعات الماضية، ومن ضمن التحديات المشاكل الأمنية، حيث كانت تؤثر علينا.
* هل اتهمتم أطرافا معينة باستهداف مؤتمر الحوار وعرقلة عمله؟
- لا نتهم أحدا، لكن من خلال الأحداث الأمنية، الأخيرة، واستهداف أعضاء بمؤتمر الحوار، وتخريب المصالح العامة، يدل على أن الهدف كان عرقلة الحوار، وقد وضح الرئيس هادي في أكثر من مرة أن هناك قوى لا تريد أن ينجز الحوار مهامه، وتستفيد من الوضع الحالي، لأنها تريد أن يعود الناس إلى الوراء، وقد كان لجميع الأعضاء مواقف وطنية، كما كان لرئيس الجمهورية جهد خالص، ومواقفه كانت بمثابة الدعم الكبير لخروج مؤتمر الحوار إلى بر الأمان، إضافة إلى تعاون المجتمع الدولي والمبعوث الأممي جمال بنعمر، وكذلك جهود الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف الزياني.
* ما هي الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟
- أكبر ضمان لتنفيذ المخرجات، هو الشعب، وعلى وجه الخصوص المجتمع المدني وشباب الثورة، على الجميع أن يمارس دوره في مراقبة تنفيذ المخرجات، كما هي أيضا مسؤولية المكونات السياسية والمجتمع الدولي الذي سيتابع، المرحلة الانتقالية.
اليمن يمر بنقطة فاصلة بين ماض ومستقبل ونقطة تحول تاريخية، سيتم فيها صياغة عقد اجتماعي جديد، لعشرات أو مئات السنين، والجميع معني بالمشاركة في صياغة هذا العقد وتنفيذ هذه المخرجات حتى لا تظل حبرا على ورق.
* مع انتهاء مؤتمر الحوار ينتهي عمل الأمانة العامة..
- الأمانة العامة، شكلت بقرار جمهوري، وينتهي عملها بانتهاء مؤتمر الحوار، في الجلسة يوم 25 يناير (كانون الثاني)، لكن نحتاج إلى فترة بسيطة لإغلاق المشروع وترتيب كل ما يتعلق بما قامت به الأمانة..
المصدر : الشرق الاوسط
عدد القراءات : 8113