الصحافة في اليمن.. حرية في ظل فوضى الإعلام
يحتفي الصحفيون في 3 مايو من كل عام بيوم الحرية الصحافية، فمهنة المتاعب كما يحب لأهلها تسميتها فيحتفون في هذا اليوم بالمبادئ الأساسيّة لحرية الصحافة، وبهذه المناسبة التي تعد كيوم لتذكير للحكومات بأهمية الحريات الصحفية.
ويأتي يوم حرية الصحافة العالمي في ظل تراجع غير مسبوق في الحريات فبحسب تصنيف منظمة “فريدوم هاوس” الدولية غير الحكومية واحتلت اليمن المركز (167)، ضمن 15 دولة عربية كـ”دول غير حرة”.
وكانت مؤسسة حرية قد أصدرت تقرير لها والذي رصد 282 حالة انتهاك، خلال العام 2013. وقالت المؤسسة في تقريرها أن التحوّل الأخطر في العام 2013 كان في نوع وخطورة الانتهاكات ضد الصحافيين، حيث شهد حالة قتل واحدة و 12 حالة شروع في القتل و13 حالة اختطاف وإخفاء، بينها حالتا اختطاف لصحافيين أجانب”.
الحرية مرتبطة بالمزاج السياسي
وعن العمل الصحفي في اليمن يقول الصحفي والإعلامي أحمد الزرقة أن العمل محفوف بالمخاوف والمخاطر في احيانا كثيرة وهو يعكس الاوضاع المتردية التي تمر بها البلاد.
وأضاف لـ “يمن جورنال” أنها تعبر عن صراع النخب السياسية والاجتماعية فيها”.. مضيفاً أن “تبعية الصحافة والصحفيين ووسائل الاعلام المختلفة لأطراف سياسية نافذة تمتلك المال والنفوذ أصبحت جزء من المشكلة.”
ويصف الزرقة الحرية الصحفية في اليمن أنها “هامشا يتسع حينا ويضيق احيانا أخرى” وعزى ذلك الى إرتباطه بالمزاج السياسي السائد في البلاد.
وقال الزرقة “تحول العمل الصحفي في كثير من الاحيان الى وسيلة للارتزاق والتكسب واداة للصراع وابتعدت كثيرا عن وظائفها ومسئولياتها الاخلاقية والاجتماعية باعتبارها الصوت المعبر عن صوت الجماهير وهموم الفئات البسيطة .”
ويضيف: ” ان مهنة الصحافة في اليمن تعد واحدة من اخطر المهن في البلاد، ومازالت الاعتداءات على الصحفيين والانتهاكات التي يتعرضون لها مرتفعة.” مشيراً إلى أن هناك جهات متعددة تقوم بهذه الانتهاكات.
وقال الزرقة: “غياب الدولة وضعف الاداء النقابي والحقوقي في اليمن عوامل توفر مناخات تساعد على تزايد الانتهاكات وافلات مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين من العقاب.”
وعن الجانب العملي فيقول الزرقة أن الصحفي في اليمن هو الطرف الأضعف خاصة مع قضايا استغلال الصحفيين من قبل ملاك الوسائل الإعلامية.. مبيناً أن غالبية العاملين في وسائل الاعلام الخاصة يعملون بدون عقود تضمن حقوقهم وفي بيئة محفوفة بالمخاطر بدون تأمين وبمرتبات هزيلة.. كما ان مرتبات العاملين في المؤسسات الحكومية ايضا ماتزال تحت الحد الادنى المعمول به في بقية بلدان العالم.
فهم خاطئ للحرية الصحفية
من جانبه قال الإعلامي والاكاديمي مفتاح الزوبة أن “هناك فهم خاطئ عند بعض الصحفيين لمفهوم حرية الصحافة فمنهم من يراها ابتذال، ومنهم من يراها صفاقة0”
ويضيف “هناك مساحة للحرية في الصحافة لا أحد يستطيع إغفال ذلك لكن مفهومنا للحرية هو الأهم فالشتم والتجريح والتخوين تمتلئ به صحافتنا اليومية والمواقع الإخبارية0
وشدد الزوبة بقوله “لابد أن يكون هناك دور واضح للشباب لتغيير بعض السلوكيات التي أضحت سمة من سمات الصحافة اليمنية، وترسيخ مفاهيم أوضح للحرية بدلا من هذه التي يكرسها عتاولة الصحافة اليمنية متمترسين خلف أجندات حزبية.”
حرية وفوضى
يقول الصحفي رياض الاحمدي أن هناك حرية ولكن هناك فوضى، و يتم ضخ آلالاف المعلومات الخاطئة أو الملونة أو التي تحرف الأنظار عن المواضيع الرئيسية، عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتأتي الحقيقة أو الرأي الآخر فلا يكاد يصل إلا لحلقات محدودة، وهذا تحول إلى قمع غير مباشر.
ويضيف “بالنسبة لوسائل الإعلام الحزبية والحكومية فهي ملزمة بخطوط مشتركة فيما بينهما وتقمع أو تتجاهل ما دونها.”
اما عن العمل الصحفي فيصفه الاحمدي بأنه صعب للغاية خاصة في الجانب المادي فلا يكفي ما يتقاضاه الصحفي في الوسيلة الإعلامية الحكومية أو الإهلية، إلى جانب الوضع الأمني فلا تستطيع التحرك في مختلف مناطق البلاد للبحث عن الحقيقة بسبب تعدد الجهات الحاملة للسلاح، وبسبب قلة الإمكانات أيضاً.
الحرية الاعلامية مفتوحة
يقول ماجد عبدالرحمن العليي – مدير شبكة أخبار السعيدة – أن الحرية الإعلامية في اليمن مفتوحة لمن هب ودب مما انعكس على واقع الصحافة بشكل عام وهذا ما نشاهده ونقرأه ونسمعه في مختلف وسائل الاعلام تجد الكذب واطلاق الشائعات والتحريض وتوزيع الاتهامات دون حسيب او رقيب لديهم منشورات تسمى صحف تسطر اسبوعيه تروج لكل ماهو سيء ويمس الاخلاق وكرامة الناس وتروج للرذيله بشكل مقزز.
وطالب العليي في اليوم العالمي لحرية الصحافة بضرورة وجود وقفة جادة من قبل الصحفيين ” الذين تهمهم مهنة الصحافة ” أن يجتمعوا لوضع حد لمثل هذه الاساليب التي تسيء للعمل الصحفي حد وصفه.
مقيدة بالانتماءات
وترى الإعلامية والمقدمة التلفزيونية ماجدة طالب ان “الانتماءات السياسية والايدلوجية لبعض الصحفيين تجعل الصحفي غير حر بمعنى الكلمة”.
وتقول ماجدة طالب أنه “بعد الثورة انطلقت الحرية الإعلامية بشكل مكثف من الناحية السياسية..والتحليلية والحقوقية. لكن هنالك تغيرات في انتماء بعض الصحفيين من حيث الانتماء السياسي والايدلوجية مما تجعل الصحفي ليس حرا بمعنى الكلمة حين يتناول الحقائق .
اليوم نفاجئ بصحفين يعملون على الاتزان المهني التحليلي بشكل دقيق وذكي لجميع الاطراف لكن الافضل ان يكون التحيز للمواطن.
الصحفي الشاب أشرف الفلاحي طالب الفلاحي في هذه المناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة بضرورة عقد مؤتمر صحفي عام يعاد فيها للصحفي مكانته الاجتماعية كحامل للحقيقة ،وحارس لطموحات الشعب .
الصحافة دون هدف
ويرى الفلاحي أن “الصحافة اليمنية تعيش دون هدف محدد لها ،بل تغيرت رسالتها السامية من التنوير ،وصناعة رأي عام فاعل ، الى وسيلة للسب والشتم ، وللتزييف.”
ويقول الفلاحي أن اليوم العالمي لحرية الصحافة يأتي وصحفيي اليمن يعيشون وضع صحفي غير صحي ،بعد أن تحولوا إلى أداة للابتزاز السياسي ، وهذا يدفع الكثير من الأطراف إلى استهداف العاملون في الصحافة بشكل ممنهج ،كردة فعل عكسية لابواق الصحافة في اليمن.”
وحمل الفلاحي مسؤولية ذلك على من اسماهم بـ” الدخلاء على مهنة الصحافة المقدسة” الذين تدثروا بلباس الصحافة ،ليس إلا لتشويه المهنة ،والصحفيون المهنيون في الوقت نفسه ،فالصحافة اليمنية بحاجة الى إعادة منتجة حقيقية ،لتغيير مسارها البالوني السائد اليوم .
وفي ختام حديثه طالب الفلاحي في هذه المناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة بضرورة عقد مؤتمر صحفي عام يعاد فيها للصحفي مكانته الاجتماعية كحامل للحقيقة ،وحارس لطموحات الشعب .
المصدر : نقلا عن يمن جورنال