احدث الاخبار

تعالوا نشتغل

تعالوا نشتغل
اخبار السعيدة - بقلم - أ. د. محمد سعد عبد اللطيف         التاريخ : 15-05-2010

البلد دى بلدنا وليست ملك للحكومة ولن يصلح حالنا إلا نحن العلماء والشعب الري بماء البحر، لإنتاج نباتات محبّة للملوحة، وتصلح غذاء للحيوانات، ويمكن استخلاص غذاء بشري من بعضها أيضا مثل الزيوت، وقد تكون مصدرا للطاقة البديلة، وإن تحقق ذلك فسوف تحول الصحارى إلى مزارع خضراء عامرة بالإنتاج الغذائي والتجمعات السكانية والحضرية، وتحل مشكلة محدودية الأراضي الزراعية، فمن المعلوم أن الرقعة الزراعية وصلت حدها الاستيعابي الأقصى، وهي تقل بكثير عن نصف ما يحتاجه العالم من أراضٍ زراعية، وإذا أضيف إلى المشكلة تدهور وتراجع الأراضي الزراعية، كما يحدث عندنا في مصر وتحويلها إلى تجمعات سكانية، ونقص المياه العذبة وندرتها في بعض الأحيان، فإن التحديات تتضاعف!

وقد بدأت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فكرة استعمال مياه البحر لأجل الزراعة، وبدأت الفكرة بالعمل على النباتات المحبة للملوحة أو التي تحتملها، وإذا نجحت الفكرة فإننا نستطيع تحويل المسطحات المائية المالحة التي تشكل %97 من المياه على الكرة الأرضية وثلاثة أرباع مساحتها الكلية إلى مصدر عملي للزراعة والغذاء، ويمكن بذلك أيضا تحويل الصحاري القاحلة والتي تشكل %30 من مساحة اليابسة إلى مزارع وغابات ومراعٍ. وفي دراسة تبين أن الزراعة بمياه البحر يمكن أن تكون مجدية في تكلفتها وعائدها الاقتصادي إذا أنتجت محاصيل مفيدة وملائمة وقليلة التكلفة، وإذا لم يؤدِّ استخدام مياه البحر إلى الإضرار بالبيئة وزيادة ملوحة الأراضي واستنزافها.

ويعرض أيضا في دراسة متخصصة عن استخدام مياه البحر لمحاولات لزراعة محاصيل تقليدية، مثل القمح والشعير بمياه البحر باستخدام الهندسة الوراثية، بإضافة جينات تحمل الملوحة، أو باكتشاف أنواع من البذور تتحمل الملوحة.

الحد الأعلى للملوحة الممكن احتماله للمحاصيل التقليدية مثل النخيل والشعير لا يتجاوز 5 ميلليموز، وهذا يساوي %15 من نسبة ملوحة مياه البحر (35 – 40 ميلليموز)، ولكن هناك نباتات برية تتحمل ملوحة مياه البحر تسمى «الهيلوفيتس»، ويمكن بزراعتها إنتاج الأعلاف والزيوت والمواد الطبية والعطرية، والغذاء البشري، وكانت شعوب تتغذى عليها بالفعل، وهناك 2000 إلى 3000 نوع من النباتات الملحية، وأظهرت الأبحاث أن 12 منها حتى الآن أظهرت إمكانات واعدة للإنتاج الاقتصادي الزراعي، مثل الساليكورنيا، والأتربكس.

ويمكن بذلك زراعة حوالي 500 مليون م2 من الأراضي الصحراوية، وهذا سيقلل كثيرا الضغط على المياه العذبة، وعلى المراعي والأراضي الزراعية، ويعدل إيجابيا في اتجاهات العمران والغذاء نحو التوازن والاعتدال والتجدد. وبالطبع هناك فكرة تحلية مياه البحر، ولكنها عملية ما زالت مكلفة، وتحتاج إلى استثمارات كبيرة، ويبدو الأمل اليوم في الاستخدام المباشر لمياه البحر، والرهان على النباتات المحبة للملوحة. وتظهر النتائج التجريبية أنه يمكن إنتاج كميات من الزيوت تساوي ما تنتجه المحاصيل المنتجة للبذور الزيتية التي تروى بمياه عذبة، مثل الصويا. ولكن التحدي الرئيسي في الري بمياه البحر هو معالجة الأملاح المتراكمة والمترسبة في التربة، وهذا يحتاج إلى تسوية للأراضي الزراعية وحراثة عميقة لتتمكن من تصريف الأملاح، وعمليات غسيل للأراضي لطرد الأملاح، وأنظمة وجداول ري معدة بعناية وكفاءة عالية تأخذ بالاعتبار الطقس والرطوبة.

الزمن عامل مهم جدا في مثل هذه المشروعات والأفكار، وكلما ابتدأنا مبكرا فإننا نضمن الحصول على النتائج الأفضل في الوقت المناسب، فمن المعلوم أن السنوات الأولى من المشاريع تكون صعبة ومليئة بالتجارب والمفاجآت، حتى تصل إلى حالة معقولة في تكلفتها وإنتاجها، وأعتقد أننا لا نملك ترف الانتظار أو مراقبة الآخرين، فالمبادرة تجعلنا نحصد الحصة الأكبر من النتائج، فهل نبادر ونحن الأكثر حاجة لمثل هذه المشاريع؟

وسنحاول في هذا المقال أن نستعرض إمكانيات التقنية الحديثة وكيفية تقييم الجدوى الاقتصادية للطرق المختلفة لاستخدام مياه البحر في إنتاج العلف الحيواني. وقد حاول بعض الباحثين زراعة المحاصيل التقليدية على ماء البحر مثل الشعير والذي يمكن على أقل تقدير إكمال دورة حياته على ماء البحر في المناخ المعتدل.

وقد تم افتراض أنه يمكن عمل برامج تربية لمثل هذه المحاصيل لتحسين قدرتها على تحمل الملوحة وإيجاد طفرات مقاومة أو محبة للملوحة. ولكنه حتى الآن لم يتم التوصل إلى أي نوع من المحاصيل التقليدية والذي يمكن أن ينتج كمية محصول اقتصادي مقبول تحت ظروف الري بماء البحر في مناخ الصحراء الساحلية.

 

وحديثاً تم اقتراح مدخل جديد وهو محاولة توطين أو تأهيل وزراعة النباتات المحبة للملوحة والتي تنمو طبيعياً في مثل هذه الظروف للإنتاج الزراعي وبالتالي يمكن الاستفادة بقدرتها الطبيعية على مقاومة الملوحة. وقد بدأت بعض البلاد كما في شمال أفريقيا استخدام هذا الأسلوب لإنتاج بذور ومحاصيل الهلوفيت باستخدام مياه البحر، ومنذ حوالي 15 سنة بدأت جامعة أريزونا تجارب حقلية لزراعة الهلوفيت في العديد من مناطق العالم الصحراوية مثل المكسيك - خليج كاليفورنيا - الإمارات العربية وخليج عمان - الغردقة في مصر وفى أربع أماكن على الخليج العربي (أبوظبى - جبيل - كويت - رأس الزور) .

ومع زيادة الخبرة والمعلومات تم زيادة القطع التجريبية 0.5-1 هكتار إلى 20-40 هكتار مزارع تجريبية واستخدام طرق ري مختلفة ابتداء من الري السطحي المعتاد إلى الري المحوري والذي يروى حوالي 250 هكتار.

وقد تم اختيار نبات هالوفيت لإنتاج بذور يستخرج منها الزيت والمعروف بأسم سالكورنيا Salicornia bigelovii torr ثم تم اختبار أصناف أخرى مثل أصناف Atriplex، شجيرات معمرة - وأعشاب ملحية وأنواع أخرى من النباتات العصيرية (لحمية النسيج) أوضحت تجارب الصوب أن ملوحة مياه البحر أكبر من حد الملوحة كافية لنمو أكثر نباتات الهلوفيت مقاومة للملوحة وأنه قد انخفض معدل نمو هذه النباتات بمعدل 50% نتيجة الري بمياه البحر.

ولكن في التجارب الحقلية أوضحت النتائج أن المحصول الحيوي السنوي ومحصول البذور قد يساوى أو يزيد عن محصول أي محاصيل تقليدية تروى بماء عذب. وأنه يمكن إنتاج محصول كتلته الحيوية Biomass في حدود من 17-34 طن/هكتار، والذي يحتوى على 11-23 طن/هكتار مادة عضوية من نباتات الهالوفيت، وباستخدام مياه البحر في تجارب حقلية على مياه البحر لمدة 6 سنوات تم زراعة نبات السالكورنيا، وتم الحصول على محصول زيتي سنوي يقدر بـ 2 طن/هكتار من محصول البذور الزيتية (مكافئ لفول الصويا أو المحاصيل الزيتية الأخرى).

وسبب قدرة الهالوفيت على إعطاء محصول وفير بالرغم من التأثير المثبط للملوحة لمياه البحر يرجع إلى العديد من العوامل التعويضية التي يستفيد منها النبات مثل الشتاء معتدل الحرارة والانعزال التام للنباتات في مثل هذه البقع الساحلية حيث لا تنافسها حشائش أو آفات أخرى وأن أصناف الهالوفيت تتمتع بموهبة بيولوجية وقدرة عالية على التمثيل الضوئي Photosynthesis والنمو .

اختيار موقع تجهيز التربة

تجهيز وتسوية الأرض من العوامل المهمة في الزراعة المروية خاصة عند استخدام مياه البحر في الري فكما هو معروف في الزراعة المروية تميل الأملاح للتراكم وإعادة التوزيع في قطاع التربة حيث يحدث تدرج في الملوحة خلال الحقل. فمثلاً المناطق المرتفعة يزداد تراكم الملح فيها. ولهذا يجب تقسيم الأرض إلى قطع قد تكون مختلفة في المنسوب ولكن يجب الاهتمام بتسوية سطح التربة في القطعة الواحدة .

وتم استخدام العديد من أنواع التربة بنجاح في أرض سلتيه طينية إلى الكثبان الرملية والمهم أن تكون التربة جيدة الصرف الطبيعي. ولهذا فإنه يجب حرث الأرض ولعمق 1 متر لتحسين الصرف خاصة في الأراضي الثقيلة. وحين يحدث للتربة الرملية انضغاط تحت الطبقة السطحية وبالتالي لابد أن يتم إعدادها من حيث الحرث العميق ثم الحرث السطحي والتسوية والزراعة ثم الري .

وبالرغم من أن العديد من أصناف الهالوفيت تتحمل ارتفاع الماء الأرضي، إلا أن الاهتمام بالصرف يعد عاملاً هاماً لمقاومة التملح. وفى حالة الأراضي الثقيلة يجب عمل مصارف سطحية على شكل حرف V، وبعمق نصف متر، وعلى أبعاد من 10-20 متر، على أن يتم صرف ماؤها إلى مصارف عميقة ويمكن سحب ماء الصرف بالمضخات إلى البحر مرة أخرى.

وغالباً فإن سطح البحر الصحراوي به خزان ضحل من المياه الملحية الجوفية والتي تمتد إلى عدة كيلو مترات من حد البحر وليس هناك أي تأثير سلبي على هذا الخزان الجوفي نتيجة استخدام مياه البحر في الري، كما أوضحت التجارب لمدة 10 سنوات. ولكن من الواضح أن الري بمياه البحر سوف يتسبب في إحداث أضرار بأي خزان جوفي للمياه العذبة ولهذا لابد من عمل دراسات هيدرولوجية للخزانات الجوفية للمنطقة المراد استخدام تقنية الري بمياه البحر (عمق - نوعية - كمية)، ويجب دراسة الخواص الهيدروفيزيقية للتربة. وإذا كان الموقع بجوار سلسلة جبال موازية للساحل كما في حالة البحر الأحمر فيجب المحافظة على المياه العذبة التي تتجمع تحت وادى الجبل أو على حافل الساحل الرملي.

احتياجات الرى بمياه البحر

من أهم القيود على استخدام مياه البحر لإنتاج الهالوفيت هو كيفية إدارة المياه Water management، فمن الضروري منع زيادة تراكم الأملاح في منطقة الجذور (الريزوسفير)، وهذا الشرط بخلاف الري بالمياه العذبة حيث يكون الري بناءً على مستوى الرطوبة الأرضية، وليس على أساس ملوحة التربة في الريزوسفير. فعادة في ظروف الري التقليدية يتم الري عندما تقل رطوبة التربة إلى 50%، ولكن في حالة الري بمياه البحر وعند نقص الرطوبة الأرضية إلى 50% يكون مستوى الملوحة في منطقة الجذر ضعف ملوحة ماء البحر مما يكون له تأثير قاسى على النبات، وينخفض المحصول بدرجة كبيرة لمعظم نباتات الهالوفيت، ولهذا فقد أتضح أنه يجب ألا يزيد نقص الرطوبة عن 25% لتقليل فرصة زيادة تركيز الأملاح بين الريات في قطاع التربة، كذلك فمن الضروري إضافة احتياجات غسيلية حوالي 25% أو أكثر في كل رية، وذلك لغسل الأملاح وطردها أسفل منطقة الجذور .

ولهذا فإن قصر فترات الري والغسيل الوافر للأملاح هو المفتاح الرئيسي لتحقيق النجاح والحصول على محصول عالي من الهالوفيت باستخدام مياه البحر. كما يجب جدولة الري من 1-10 يوم حسب نوع التربة وظروف الموسم والمناخ، فمثلاً في حالتي الكثبان الرملية أو الساحل الرملي يجب أن يتم الري بصفة منتظمة يومياً في موسم الصيف، بينما في الأراضي السلتية والرملية اللومية التي يمكن أن تحتفظ بماء كافي يمكن الري كل 10 أيام في موسم الشتاء.

التخطيط إنشاء مزرعة تروى بماء البحر

أهم عامل مطلوب لإقامة مزرعة تروى بماء البحر هو أن يكون هناك مصدر متاح وقريب وبتكلفة منخفضة لماء البحر، وتعتبر تكلفة الإمداد بماء البحر هو الاستثمار الأكبر في مثل هذا النوع من المشاريع وهو يتجاوز باقي العوامل مثل طريقة الري، كمية المياه المطلوبة، الممارسات الزراعية المطلوبة.

وعادة في حالة الإمداد المباشر من ماء البحر، يكون على هيئة رصيف بحري يمتد في البحر حيث تمتد مواسير لجلب المياه بواسطة مضخات، ويجب إنشاء قنوات ري في حقول المشروع، وكل هذه الإنشاءات تؤثر على الساحل من حيث المظهر- والاستخدامات الأخرى للساحل. كما تشكل حركة الماء والكائنات البحرية المختلفة وخواص وتأثير مياه البحر على صدأ المعادن المستخدمة في هذه المنشآت البيئية البحرية، حركة الأمواج والرياح والأعاصير_ مشاكل صعبة عديدة يجب دراستها وأخذها في الحسبان عند وضع التصميمات. ومما يجدر ذكره أن الحلول عادة ما تكون مكلفة.

أما المدخل البديل عن ذلك فهو الإمداد غير المباشر عن طريق آبار لتجميع مياه البحر مما يجنبنا العديد من المشاكل السابق ذكرها. ولهذا ففي حالة توافر خزان جوفي فإن آبار مياه البحر تمثل الحل الأمثل، ولكن قد تكون القدرة إلامدادية لهذا البئر محدودة (ظهر العديد من محدودية هذه الآبار رغم وجودها على شاطئ البحر في العديد من الدراسات)، ويستلزم عمل بعض الدراسات الجيولوجية الهيدرولوجية لتحديد أفضل الأماكن لهذه الآبار. وبعد أن يتم إيجاد مصدر للإمداد بمياه البحر فإن المهمة التالية تكون هي توصيل المياه إلى منطقة الجذور، والتي يمكن أن تأخذ العديد من الأشكال طبقاً لطريقة الري المتبعة. ففي حالة المساحات الصغيرة يمكن استخدام أسلوب الري بالغمر البسيط حيث يمكن عمل نظام يتميز بالانسياب السريع للماء في قنوات مفتوحة أو أنابيب PVC خفيفة أو أنابيب بلاستيك قابلة للطى. أما في حالة المساحات الأكبر فيمكن استخدام ماكينات الري بالرش المحوري أو الجانبي حيث يتم توزيع المياه بتجانس على الأرض حتى ولو لم تكن الأرض مستوية بدقة .

طريقة الأحواض الصغيرة المغمورة

في هذه الطريقة يتم عمل أحواض في حدود 200م2، ويتم غمرها لعمق 2-5 سم (يتوقف على مدى تسوية سطح الأرض) مع استخدام أسلوب الغمر السريع بمعدل السريان 100 لتر/دقيقة في حالة الأحواض الرملية لتفادى الفقد بالمرشح لعمق التربة. ويتم توزيع المياه على الأحواض باستخدام شبكة أنابيب PVC مدفونة، ويتم التحكم في معدل السريان داخل الحوض بواسطة Standpipe أو أنابيب قائمة يمكن إزالتها .

وكما هو معروف فإن الري بالغمر خاصة في الأراضي الرملية يحتاج إلى كميات كبيرة من مياه الري نتيجة للفقد بالرشح، ولهذا فإن الحوض الواحد الذي يغمر يومياً إلى عمق 5 سم يحتاج إلى 20 م/سنة، وهو معدل خمسة أضعاف استخدام الماء للمحاصيل التقليدية حتى النامية على أرض رملية. ويمكن خفض كميات المياه حسب الظروف المناخية ففي الموسم البارد من السنة يمكن الري كل 3 أيام أو أكثر حيث يكون البخر أقل ودورة نمو النبات بطيئة.

ويمكن بالإدارة الجيدة، الري في أحواض مغمورة عندما ينخفض الماء المستخدم إلى 10م/سنة، ولكن 80% من هذه الكمية سوف تفقد بالرشح للأعماق. وتشكل تكلفة ضخ المياه بهذه الكميات العائق الأكبر في هذه الطريقة وتكلفة إنشاء أنابيب وتعارضها مع طرق الميكنة سواء في الزراعة أو الخدمة أو الحصاد وبالتالي نحتاج إلى عمالة مكثفة .

طريقة أحواض السبخة المغمورة

تم تجربة العديد من تصميمات الأحواض المغمورة بنجاح على أرض السبخة الملحية ، وتم تعديل التصميم بحيث يستفيد من حركة المد والجذر بدلاً من استخدام المضخات في غمر الأحواض بالحقل،. وأراضى السبخة عادة أراضى سلتيه، وذات معدل رشح منخفض (نفاذية أقل) لدرجة أنه يمكن غمر مساحة 1 هكتار أو أكثر من مأخذ ري واحد حيث أن حقل السبخة لا يكون مقسم إلى أحواض منفصلة، ولكن المساحة كلها أرض سبخة يمكن غمره إلى عمق 2-5 سم مرة واحدة.

وفى هذه الطريقة يتم إحاطة الحقل بحاجز ضيق من التربة ويوزع داخل الحاجز وعلى عمق 1م أنبوبة ري يمر منها مياه البحر أثناء المد لتغمر قنوات الري بعمق نصف متر لتوزع مياه هذه القنوات على أبعاد 10 متر حيث تحمل المياه إلى مهد النباتات. كما يتم عمل بوابة للتحكم في مستوى الماء في الحقل، ولغمر الحقل تقفل البوابة ويسمح لمياه البحر (سواء نتيجة لحركة المد أو باستخدام مضخة) بالمرور في أنبوب الري الرئيسية ومنها إلى قنوات الري وخطوط النباتات، ولصرف المياه من الحقل تفتح البوابة ونظراً لعدم انتظام المد والجذر فإن الأمر يحتاج إلى مضخة غالباً.

وتم تجربة هذه الطريقة بنجاح في زراعة المانجروف Mangrove، السالكورنيا حيث نمت على أرض سبخة وباستخدام مياه البحر 50 جم ملح/لتر في الري. وتم تخفيض ملوحة التربة قبل الزراعة من 80-120 جم/لتر في طبقة 10سم بالغسيل بمياه البحر خلال أسبوع واحد باستخدام 3 دورات غمر وصرف متتالية حيث انخفضت الملوحة إلى 50 جم/لتر. وكان يتم الري كل 2-3 يوم صيفاً وكل 4-5 يوم شتاء.

ويجدر الذكر أن معظم الماء المستخدم يفقد في الصرف السطحي ولذلك فإن كفاءة استخدام الماء منخفضة ولهذا التصميم يصلح فقط في حالة الأرض السبخة التي يمكن الاعتماد على مياه المد والجذر في الري ودون الحاجة إلى استخدام مضخات .

أحواض الغمر الكبيرة

هي أكثر الطرق المستخدمة في الري السطحي، وتم إقامة هذه التجربة على أرض رملية لومية في خليج Kimo بالمكسيك حيث تم زراعة السالكورنيا كمحصول بذور زيتي على مساحة 20 هكتار كمزرعة تجارية منذ عام 1986. وقد تم تقسيم المزرعة إلى قطعة 1 هكتار (شكل 3).

وتم استخدام بئر ماء البحر في الري من 5-10 يوم بعد الإنبات وكمية الماء المستخدمة كانت 3-4 متر/200 يوم للمحصول. وهذا المعدل يقع في حدود معدلات المحاصيل التقليدية، ولكن تعتبر كفاءة الري نسبياً قليلة لأن حوالي نصف الماء المضاف يفقد بالصرف تحت منطقة الجذر.

الري بالرش المحوري

الري بالأذرع المتحركة تم تعديله لاستخدام ماء البحر، وتم اختباره بالسعودية، وتم تجربته على مدى أوسع - حوالي 300 هكتار في مزرعة مخصصة للري بمياء البحر في رأس الزور بالسعودية وقد تم زراعة السالكورنيا حيث يمكن استخدام الري بالرش بماء البحر في أول 100 يوم (حتى مرحلة تكوين الأزهار) ثم يستخدم أنابيب تنقيط توضع على رأس كل نقاط لتوصيل المياه إلى مستوى الأرض بجوار النباتات النامية وكمية الماء المستخدم في الري والغسيل كانت حوالي 2-3م طول فترة نمو المحصول 250 يوم (حوالي 1.25-1.5 مدة قدر معدل البخر). والآلات والأنابيب المستخدمة في هذا النظام يجب أن تكون مقاومة لتأثير ماء البحر وفى حالة إذا ما احتاج محصول الهالوفيت للري يومياً يجب ألا يزيد حجم المزرعة عن 50 هكتار.

الرى بالتنقيط

يتم استخدام طريقة الري بالتنقيط باستخدام مياه البحر لري شجيرات القطف Atriplex shrubs، وتم الحصول على محصول حيوي عالي، ولم تظهر مشاكل تجمع الأملاح وانسداد النقاطات حيث يتم الري باستمرار يومياً، وكذلك يقل تراكم الملح أكثر عند دفن النقاطات في التربة بدلاً من وضعها على سطح التربة.

ومن الخبرات المتراكمة تبين أن الري بمياه البحر يتوقف نجاحه على كفاءة نظام الري المستخدم ،وكنتيجة لانخفاض كفاءة الري يستخدم كميات كبيرة من مياه البحر على ألا يسمح باستنزاف المياه حتى تصل إلى نقطة الذبول بين الريات لأنه في هذه الحالة سوف يكون تركيز الملح عالي جداً في منطقة الجذور مما يؤثر على المحصول بل يجب أن تحفظ رطوبة التربة قريبة من السعة الحقلية عند أي وقت وهذا يعنى أن كفاءة كل رية يجب أن تكون مرتفعة على قدر الإمكان .

استخدام النباتات المحبة للملوحة كعلف للحيوان

نباتات الهالوفيت معروفة بأنها مصدر تقليدي لتغذية الحيوان بالرغم من بعض المشاكل التي تصاحبها مثل احتوائها على تركيزات عالية من الأملاح، محتواها القليل من الطاقة وانخفاض مدى الاستساغة بواسطة الحيوان مقارنة بالأعلاف التقليدية. وحتى يكون زراعة الهالوفيت مجدياً اقتصادياً يجب أن يكون أدائها كأعلاف أكبر أو على الأقل مساوياً للأعلاف التقليدية، وقد أثبتت العديد من الدراسات أنه في ظل عدم توفر الأعلاف الكافية للحيوان خاصة في ظروف المناطق الصحراوية فإن أصناف معينة تم زراعتها بنجاح ويمكن استخدامها كبديل للأعلاف .

ويجب أن نراعى أنه في حالة استخدام الهالوفيت كأعلاف فقد تحتاج الحيوانات زيادة استهلاك مياه الشرب، وقد ترتفع نسبة استهلاك العلف لكل وحدة زيادة في وزن الحيوان، وذلك نتيجة لزيادة المحتوى المعدني في الهالوفيت، وعندما نستخدم الهالوفيت بكفاءة مع خليط مكونات العليقة فإن الزيادة في الوزن وخصائص الذبيحة المغذاة على مكونات عليقة تتضمن الهالوفيت يكون مساوياً لتلك المغذاة على الأعلاف التقليدية. ومن أكثر نباتات الهالوفيت التي درست واستخدمت كعليقة هو صنف السالكورينا والقطف. وأظهرت النتائج بجامعة اريزونا على الأغنام أنه يمكن استخدام السالكورنيا (بذور - وسوق)، وكذلك القطف كبديل للعلائق المصنعة من حشائش البرمودا أو علف بذرة القطن. ويتم زراعة السالكورنيا (نبات عصارى) لإنتاج بذور الزيت والقش، ويمكن استخلاص الزيت بعصر البذور، ويتبقى مواد عضوية خالية من الأملاح، ويمكن استخدامها في علائق الحيوان، كما يمكن استخدام الزيت كمصدر عال للطاقة في تغذية الحيوان خاصة الدواجن. ومن الجدير بالذكر أن المواد المتبقية بعد استخراج الزيت تحتوى على 33-43% بروتين خام (حيث تتوقف هذه النسبة على مقدار الزيت بعد العصر).

وقد تحتوى الحبة على كمية من مادة الصابونين التي تتعارض مع تغذية الدواجن ولكنها مصدر مقبول للبروتين، وتصلح تغذية للحيوانات المجترة. ويحتوى قش السالكورنيا على 30-40% رماد معدنى وكمية قليلة من البروتين 4-6%. ومكونات الألياف يمكن هضمها بسهولة ولوحظ أن معدل نمو الحيوانات المغذاة عليها يكون مساوياً لنفس المجموعة التي تم تغذيتها على عليقة حشائش الروادس والبرمودا الساحلية، قش القمح أو خليط بين قش القمح من البرسيم طالما أن عليقة الحيوان متزنة فى محتواها من البروتين والطاقة.

ويمكن إزالة الملح من القش بنقعه فى ماء البحر لمدة ساعة لإذابة الأملاح من عصارة الخلايا ثم يتم صرف الماء وضغط القش لإنقاص الرطوبة إلى 50% أو أقل، ويكون الناتج عادة محتوياً على 10% كلوريد الصوديوم.

ويتضح أن أداء الأغنام المغذاة على مكونات أعلاف الهالوفيت . ومعاملة المقارنة المكونة من 30% حشائش البرمودا الساحلية، 10% كسب بذرة القطن فى عليقة القطف أو السالكورنيا حيث تم استخدامهم بدلاً من قش البرمودا، كما تم استبدال بذرة القطن ببذور السالكورنيا، وكانت جميع العلائق تحتوى على 10% مولاس + 50% بذور السورجم (عدد حيوانات التجربة 6 غنم/معاملة) .بالمقارنة بقش السالكورنيا، يحتوى قش القطف على 20-30% أقل من محتوى الرماد وعلى 10-25% أكثر من البروتين، وتختلف القيمة الغذائية طبقاً لصنف الهالوفيت ووقت الحصاد والجزء من النبات الذى تم حصاده، وقد خلصت إلى بعض التوصيات اللازمة للحصول على الاستفادة القصوى من أعلاف الهالوفيت، والتى تنمى على مياه البحر بأنه يجب تجفيفها تم قطعها إلى أحجام صغيرة، وخلطها فى مكونات عليقة مع الأخذ فى الاعتبار أن محتوى العليقة على مصدر كافى من الطاقة والبروتين وألا يزيد محتوى الملح عن 10% فى العليقة الكلية.

ونخلص من هذه النتائج إلى أنه يمكن استخدام تقنية رى واستزراع أصناف الهالوفيت باستخدام مياه البحر لتنمية المناطق الصحراوية الساحلية وإنتاج أعلاف حيوانية وتغذية الحيوان عليها والحصول على منفعة اقتصادية واجتماعية فى هذه المناطق .

عدد القراءات : 3339
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات