احدث الاخبار

أين القطن يا أباظة ؟؟؟؟؟

أين القطن يا أباظة ؟؟؟؟؟
اخبار السعيدة - بقلم - أ. د. محمد سعد عبد اللطيف         التاريخ : 14-06-2010

القطن المصري إلي أين ؟ - القطن "الذهب الأبيض فيما مضي" يعد العمود الفقري للاقتصاد الزراعي والذي بدوره العمود الفقري للاقتصاد القومي ولكن عندما تصبح مصانع الغزل والنسيج مهددة بالتوقف عن الإنتاج خلال 45 يوماً مع انخفاض كميات القطن المصري وارتفاع أسعاره بالسوق لكافة أنواعه وامتناع 60% من الفلاحين عن زراعته هذا العام نصبح أمام كارثة محققة لابد من الخوض فيالقطن "الذهب الأبيض فيما مضي" يعد العمود الفقري للاقتصاد الزراعي والذي بدوره العمود الفقري للاقتصاد القومي ولكن عندما تصبح مصانع الغزل والنسيج مهددة بالتوقف عن الإنتاج خلال 45 يوماً مع انخفاض كميات القطن المصري وارتفاع أسعاره بالسوق لكافة أنواعه وامتناع 60% من الفلاحين عن زراعته هذا العام نصبح أمام كارثة محققة لابد من الخوض في تفاصيلها مع الخبراء للوقوف علي حقيقة الموقف.

يقول المهندس محمد علي القليوبي رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الغرف: إن مشكلة زراعة القطن "مركبة" حيث إن الفلاح يحتاج إلي ضمان سعر القطن ولا يصبح تحت رحمة السوق وتقلباته من عام إلي عام ومن موسم إلي موسم لأن القطن محصول قومي يجب أن يكون له سعر ضمان بمعني أن يكون له حد أدني إذا لم يصل له السوق العالمي تقوم الدولة بشرائه من الفلاح وإذا وصل سعره لأكثر يباع بالطرق المتعارف عليها. فيجب أن يكون هناك استراتيجية موضوعة لعملية زراعة القطن وتحديد الكمية التي تزرع كل عام من القطن بناء علي سعر الضمان لأنه يشجع الفلاح علي الزراعة لوجود محاصيل أخري تغريه علي زراعتها أكثر من القطن.

ويضيف: لذلك أعتقد أن الفلاح إذا وجد سعر ضمان سيزرع مساحات تكفي الاحتياجات التي تتطلبها المغازل المحلية وكذلك التصدير للخارج أما بالنسبة لمشكلة هذا العام فمن الممكن خلال 45 أو 60 يوماً أن نواجه عدم وجود قطن شعر نتيجة عدم وجود معروض الآن ولا يمكن أن نوقف التصدير الآن لأن هناك تعاقدات تصديرية للموسم الحالي والتسليم لم يتم إلا بعد شهر سبتمبر ليكون المحصول الجديد قد تم حصده.

كما يوجد نقص في المعروض المحلي نتيجة التعاقد علي تصدير كميات من القطن الشعر وعندما تم الاتفاق علي تصديره كان سعره أرخص من الوقت الحالي لأن أسعار القطن كانت متدنية عالمياً في هذا الوقت والبنوك لم تكن قد أعطت التمويل للشركات والمحالج وحدث تقاعس فكانت الأسعار منخفضة جداً علي الفلاح هذا العام وسوف ينتج عن ذلك هذا الموسم قلة الأراضي المزروعة قطناً في موسم 2008-2009 وبالتالي فإذا كنا قد زرعنا هذا الموسم تقريباً 500 ألف فدان فمن الممكن أن تنخفض في الموسم القادم إلي 300 ألف فدان.

وينصح المهندس محمد القليوبي المغازل بتجهيز نفسها لاستيراد كميات من القطن الشعر لمغازلها في مصر حيث إننا بالفعل نقوم باستيراد مليون و600 ألف قنطار سنوياً من أقطان متوسطة التيلة من سوريا أو اليونان أو السودان أو أوزباكستان وكانت تخضع لأسعار البورصة العالمية وقت الشراء وكنا نستخدم مليونا ونصف المليون نطار للمغازل المصرية من الأقطان جيزة 80 وجيزة 90 وجيزة 86 وجيزة 88 وجيزة .70

ويؤكد أن الكمية ستزيد إذا حدثت زيادة في تصدير القطن الشعر بعد أن كانت 4 ملايين قنطار ونصف القنطار ستصل إلي 3 ملايين قنطار علي الأكثر إذا كان سوق التصدير سيسمح بذلك نظراً لأن المخزون العالمي للقطن الشعر في أدني مستوياته فيمكن أن يكون هناك طلب علي القطن المصري وهنا تواجه المغازل مشكلة حقيقية أما مصانع النسيج فمن الممكن أن تستورد الغزل من الخارج سواء من سوريا دون جمارك طبقاً لاتفاقية التيسير العربية أو من الهند أو باكستان وتخضع لجمارك 5% فقط.

ويضيف: إذا لم يصل القطن الشعر للمصانع فسوف تتوقف لذلك أتوقع أنه إذا زاد سعر القطن الشعر عالمياً هذا الموسم فسوف نجد العام القادم زيادة في زراعة القطن المصري وسوف تحل المشكلة طبقاً لمبدأ العرض والطلب وعن وقف تصدير القطن المصري يقول: نحن لا نملك منع التصدير لأننا بالفعل قمنا ببيعه ولكن مع هذه المحنة سنقوم بشرائه مرة أخري لأنه موجود بالفعل في مصر ولم يخرج بالفعل ولكن سنقوم بشرائه أغلي حسب سعر البورصة العالمية الذي أوقف.

مركز الصدارة

المهندس ثروت المنياوي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لاختبارات وتحكيم القطن يقول إنه نظراً لما تتميز به الأقطان المصرية من مواصفات جودة فإنها تحتل مركز الصدارة بين الأقطان العالمية وذلك للأقطان الطويلة والطويلة الممتاز فإن هناك إقبالا علي استلام الأقطان وتشغيلها بالمغازل المحلية حيث يصل إجمالي كميات الأقطان المصرية المسلمة والمستهلكة سنوياً حوالي 2.5 مليون قنطار وبالتالي فإن معدل الاستهلاك الشهري يقدر بحوالي من 200 إلي 300 ألف قنطار شعر ويوجد مخزون حالياً من الأقطان الطويلة يقدر بحوالي 700 ألف قنطار لم تسلم بعد إلي المغازل المحلية وهي تكفي استهلاك المغازل مدة لا تقل عن ثلاثة شهور.

ويضيف أن هذا بخلاف الكميات التي تسلمتها المغازل من أقطان الفضلة من المواسم السابقة نظراً لما يقدم لها من دعم مما يجعل أسعارها في متناول جميع المغازل المحلية سواء من قطاع الأعمال والقطاعين العام والخاص مما يدل علي أن هناك مخزونا تشكيلياً لمدة لا تقل عن شهر الأقطان المصرية بالإضافة إلي مخزون أقطان طويلة ممتاز تقدر بحوالي 450 ألف قنطار شعر وهناك مغازل محلية تستخدم هذه الأقطان في إنتاج غزول رفيعة.

وعن إحجام المزارعين عن زراعة القطن يقول: بالنظر إلي موسم الزراعة الحالي نجد أن هناك إحجاما من قبل المنتجين مما قد يؤدي إلي انخفاض المساحة المنزرعة فعلياً عن المستهدف من قبل وزارة الزراعة والذي يقدر بحوالي 480 ألف فدان مما قد يؤدي إلي ارتفاع أسعار تكاليف إنتاج القطن خاصة مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات وأيد عاملة وإيجارات الأراضي وغيرها مع انخفاض أسعار استلام التجار للأقطان الزهر من المنتجين.

ويؤكد المهندس ثروت علي هذا الوضع يدعو إلي وضع استراتيجية شاملة للقطن المصري تمثل رؤية مستقبلية للمواسم المقبلة تحقيق الاستقرار لجميع القطاعات المتعاملة في القطن سواء كانت من الناحية الإنتاجية أو التسويقية والتجارية والتصديرية والتصنيعية وحمايتها من التقلبات الشديدة في الأسعار.

ويؤكد المهندس ثروت المنياوي علي أهمية تواجد الأقطان المصرية في الأسواق العالمية للمواسم المقبلة وعدم وقف التصدير لخطورة وقف تصدير القطن المصري ولو لموسم واحد فقط لأن هذا يؤدي إلي تقلص الطلب علي الأقطان المصرية ويؤدي إلي خروجها من السوق العالمي للقطن.

العرض والطلب

ويري أن يتم سد العجز للموسم المقبل من خلال استيراد بعض كميات الأقطان التي تفي باحتياجات المغازل المحلية مع المحافظة علي الحصة التصديرية للقطن المصري في السوق العالمي حتي لا تفقد الأقطان المصرية مكانتها العالمية في أسواق القطن العالمي وحفاظاً علي استمراره للسنوات المقبلة لما له من دعم للاقتصاد القومي وتواجد مصري علي الساحة التصديرية العالمية.

أما الدكتور صفوت الحداد رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بوزارة الزراعة فيقول إن مشكلة زراعة القطن في العام الحالي ترجع لمسألة العرض والطلب حيث إنه في الفترة الماضية كان الفلاح المصري يزرع القطن ويتحمل تكاليف محاربة الآفات وأسعاره المرتفعة وعزف أصحاب مصانع الغزل عن الشراء منه نظراً لرخص أسعاره بالخارج عن المصري فاستوردوها بدلاً من شرائها من المزارعين المصريين لأن سعره كان مرتفعاً ولكن عند ارتفاع السعر عالمياً بدأ أصحاب المصانع للشراء من القطن المصري. مشيراً إلي أن الدولة قامت بدعم القطن الجيزة 70 منذ عامين وكان بعض الفلاحين قد باعوا القطن بأسعار رخيصة في هذا الوقت فذهبت فلوس الدعم إلي التجار.

ويوضح أن مزارع القطن الذي نريد أن نحافظ عليه يهرب لزراعة الأرز والقمح لتحقيق الربح المضمون لأن زراعة القطن مكلفة جداً يأخذ وقتاً طويلاً في الزراعة وحصد المحصول حوالي 7 أشهر ولا يضمن إذا كان سيبيعه أم لا أو سيضطر لبيعه بسعر رخيص أما القمح والذرة فيزرعهم في الصيف والأرز في الشتاء فيربح من الفدان 12 ألف جنيه.

ويؤكد الدكتور صفوت الحداد أن زراعة القطن تحتاج خطة قومية شاملة للمحافظة علي مزارع القطن.. فإذا نظرنا للموسم القادم فسنجد أن المساحات المنزرعة ستكون قليلة يمكن أن تكون 250 ألف فدان ويمكن أن تصل إلي 320 ألف فدان علي الأكثر ولذلك عندما استشعر بعض أصحاب المصانع أن السعر العالمي سيرتفع وثمن القطن المستورد سيرتفع تعاقدوا مع المزارعين علي شراء القطن مقدماً وقاموا بدفع متوسط سعر ألف جنيه للقنطار وبالتالي فالمزارع عندما يجد أن الطلب قد زاد علي القطن مرة أخري وكذلك الربح زائد وثمنه ارتفع سوف يعود لزراعته بكميات كبيرة مرة أخري وهذه آليات سوق ولا تخرج عن العرض والطلب.

أزمة شديدة

أما رشاد عودة صاحب أحد مصانع الغزل والنسيج فيقول إنه لا يجب أن نفرط في صناعة الغزل والنسيج لأن مصر لها سمعة طيبة في هذا المجال ونحن معرضون لأزمة شديدة جداً في هذا المجال بعد أن فرطنا في الحفاظ علي القطن المصري رائع السمعة فمصر تحتاج إلي زراعة مليون فدان من القطن حتي يمكن تغطية الكمية المطلوبة للقطاعين العام والخاص وإيجاد فائض يمكن من خلاله التصدير حفاظاً علي السوق العالمي للقطن ولكن للأسف الشديد نتيجة لفوضي السياسة الزراعية وزيادة تكلفة إنتاجية فدان القطن الزراعي ابتعد الفلاح عن زراعة القطن ببدائل أسهل أو أقل في التكلفة وأعلي في الأسعار عند البيع الأمر الذي حدي بالفلاح الابتعاد عن زراعة القطن والتي لن تتجاوز 450 ألف فدان وهي لن تغطي نصف احتياجات المصانع داخلياً بالإضافة إلي تصدير كميات كبيرة من القطن المصري ذات الجودة العالية واستيراد أقطان منخفضة الجودة. الأمر الذي أساء كثيراً إلي القطن المصري والمنتج المصري الذي كان علي درجة عالية من الجودة.

ويؤكد أنه مع الرأي الذي ينادي بمنع تصدير القطن المصري ومنح المزارعين دعماً بما يغطي التكلفة الفعلية حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية قائدة السوق الحرة وحرية التجارة تقوم بدعم مزارعيها بما لا يقل عن 12 مليار دولار فلما لا نقوم نحن بدعم الفلاح المصري تشجيعاً له علي زراعة قومية استراتيجية لابد من الحفاظ عليها.

ويضيف أنه حتي لا تتوقف مصانع الغزل والنسيج عن العمل سنضطر في الفترة القادمة علي استيراد قطن قليل الجودة يمكن أن يسئ إلي سمعة القطن المصري الذي حافظ علي سمعته خلال المائة عام الماضية حتي نجتاز هذه الأزمة وتزيد مساحة زراعة القطن في المواسم القادمة وهناك اقتراح أن يكون هناك مجلس أعلي لصناعة الغزل والنسيج بداية من زراعة القطن. مروراً بجميع مراحله انتهاء بالملابس الجاهزة حتي يمكن زراعة الأصناف اللازمة بالجودة العالية.

الارتباط بالبورصة

محمد المرشدي صاحب أحد مصانع الغزل والنسيج فيقول إن أسعار القطن مرتبطة بالبورصة العالمية فالقطن عندنا نستخدمه بنسبة 45% من احتياجات السوق الداخلي والبوليستر 55% في مصانع الغزل والنسيج وارتباط القطن بالبورصة العالمية ليس تحكماً من شركات قطاع الأعمال فمن المسموح استيراد القطن الشعر من الخارج واستيراد الغزول من الخارج وليس من المفترض علي الفلاح المصري تغطية احتياجاتنا بعد التغيير المفاجئ في البورصة العالمية لأن المحصول سيتم حصده في شهر سبتمبر وارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية هي التي تؤثر علي المنتج المحلي لذلك يجب علي وزارتي الصناعة والزراعة أن تعيد النظر في المساحات المزروعة بالقطن لنواجه هذه المحنة.

ويؤكد المرشدي أن الزيادة المفاجئة هي القضية في الوقت الحالي وأنا مع وقف تصدير القطن الطويل الممتاز والطويل التيلة ويمكن تصدير أصناف أخري مثل قصير التيلة وقصير المتوسط التيلة لو أخذنا قرار الوقف للموسم الجديد حيث إن محصول العام الحالي قد تم الاتفاق علي بيعه بالفعل بالأسعار القديمة وإذا استوردنا حسب الزيادة العالمية بالنسبة سوف تزيد علي 150% من قيمتها وستكون الخسائر فادحة.

وفي رأيي أن منع تصدير القطن يحتاج إلي "قرار سياسي" مثل منع تصدير الأرز والأسمنت حتي نجتاز هذه الفترة حرصاً علي عدم الزيادة الرهيبة في أسعار السلع.

محمد نجيب "صاحب أحد مصانع الغزل والنسيج" فيقول إن إنتاج القطن قليل جداً والمصانع لا يوجد بها ما يكفي الإنتاج خلال الفترة القادمة ولا أعتقد أنه خلال المواسم القادمة نستطيع تصدير الكميات المطلوبة عالمياً والأسعار ارتفعت عالمياً نظراً لعدم وجود شعر القطن المصري وندرته فمصانع الغزل والنسيج ستصل إلي حالة سيئة جداً قد تصل إلي التوقف ويمكن أن يقوموا باستيراد شعر القطن من اليونان أو السودان لتكملة الإنتاج لأنه لا توجد بدائل عن ذلك فيوجد مصانع تعمل ببذور مخلوطة أو بالألياف الصناعية "البوليستر" أما المصانع التي تعتمد علي الأقطان الطبيعية فلا بديل لديها غير القطن المصري نظراً لجودته وتعود المستوردين علي خامته الممتازة

أين القطن المصري ؟!.. سؤال يتبادرعلي ذهن ولسان المواطن المصري عندما يبحث في السوق عن ملابس وأقمشة قطنية تحميه من حرقة الحر ومساوئ الملابس الصناعية ، أو يبحث الفلاح عن كُسُب آمن يعلف به ماشيته أوعن الزيت والصابون المصري فلا يجده إلا نادرا، أما الإجابة فوردت من جانب الأساتذة المتخصصين بالسؤال عن سبب أزمة حلج القطن، ووصلت في نهاية المنافشة إلي إطلاق صرخة تحذر من أن بقاء القطن المصري أصبح في خطر .

انخفاض مساحة زراعة القطن بشكل كبير ، فبعد أن كانت 3 مليون فدان في الخمسينيات وصلت إلي نحو 301 ألف في عام 2008 وهذه كارثة .

والشيء الثاني ، هو ظاهرة خلط القطن ، بمعني خلط أصناف ردئية علي أصناف جيدة لزيادة الانتاج ،مما يؤثر بالتالي علي جودة ونوعية القطن المصري المميزة ، والمثال الواضح لهذا ماحدث في محافظة البحيرة ، وكان نيتجته أن الشركات رفضت شراء محصول القطن من الفلاحين لأن جودته كانت سيئة ، والعجيب أن الوزارة عندما سؤلت عن مصدر هذه ( التقاوي ) التي اشتراها الفلاحون من الجمعيات الزراعية ،ادعت أن المسئولية تقع بكاملها علي الفلاحين ؛ بزعم أنهم (استسهلوا) واشتروا أكثر من صنف وخلطوها معا ، ولكن المنطق لا يتوافق مع قول الوزارة ؛ لأن عملية الخلط بالاختيار هذه يمكن أن يقوم بها فلاح أو عدد من الفلاحين ، ولكن أن يتفق كل فلاحي المحافظة علي هذه الخطوة الخطرة فذلك صعب حدوثه ، خاصةً وأنهم يعلمون أن تسويق القطن المخلوط سيكون صعباً جدا لأنه لا ينفع للحلج ، وفي الصناعة تظهر عيوب كبيرة جداً منها انخفاض درجة نصوع الألوان .

حبيب الفلاح

وفي جولة تاريخية سريعة وضروية مع مسيرة القطن المصري من مرحلة الذهب الأبيض حبيب الفلاح والأغلي في السوق العالمية إلي مرحلة استيراد البذرة "الإسرائيلية" العقيمة ، خصم الفلاح ، والذي يشهد تراجعاً رهيبا عالميا .

لم يكن القطن الذي أصبح منذ عهد محمد علي محصول مصر الرئيسي ، لم يأت في عهد محمد علي فقط كما يظن الكثيرون ، بل كان يُزرع من أيام الفراعنة لاغرض الزينة ، خاصة وأن الفراعنة كانوا يستغنون عنه بالكتان في صناعة الملابس .

ومنذ أن استخدمه محمد علي في أغراض تجارية وصناعية والقطن حبيب الفلاح يزرعه ويبيعه في سبتمر وأكتوبر، و يقضي بثمنه مصالحه المعيشية ،حتي أن دورة الزواج في الريف المصري كانت مرتبطة بمحصول القطن .

مميزات القطن المصري

القطن عندنا يتميز بأنه من النوع طويل التيلة ، بل وفوق طويل التيلة ، وهو أجود أنواع القطن في العالم، حتي أن مصر لفترة ليست ببعيدة كانت الأولي في العالم في انتاج هذا النوع الذي من خصائصه أن طول الشعرة يصل إلي 4 سم دون أن تنقطع .

سلسلة التراجع

ويواصل الدكتور الديب: وكانت مساحة زراعة القطن في مصر تصل إلي ثلث مساحة الأراضي الزراعية بكاملها في الموسم الصيفي، أي بما يساوي 3 مليون فدان، وهذا كان موجوداً قبل ثورة 1952 لأنه كان المحصول الأول الذي تعتمد عليه الدولة في التصدير ، ولكن بعد الثورة أصبح ما يهم الحكومة أكثر هو محصول القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الدقيق. وخوفاً من أن تطغي مساحة زراعة القطن علي القمح حددت الحكومة مساحة زراعة القطن بقوة القانون ، وكان أن يزرع الفلاح ثلث أرضه قطن وخمسها قمح ، وله أن يقلل من مساحة القطن لصالح القمح ولكن في حدود .

وفي وقت الحروب المتكررة كانت الدولة تواجه صعوبة في تصدير محصول القطن ، فكانت تصدر قراراً عسكرياً بخفض مساحة القطن أيضاً وزيادة الحبوب بدلاً منه . وظل التنافس بين القطن والقمح علي مساحة الأرض ، وما بين القطن والأرز علي مقدار المياه ، وكانت الدولة في هذا تنظم الأمر بقوة القانون حسب أولوياتها ، خاصةً وأن القطن ظل لفترة قريبة جداً احتكاراً حكومياً في التجارة والصناعة والتصدير كالملح .

أن عدداً من العوامل والأخطاء الكبري تراكمت وتكاملت لكي تصل بالقطن المصري للنتيجة التي هو عليها الآن ، فإضافةً إلي مساعي خفض المساحة كما هو مبين أعلاه، طرأ عليه أيضاً خلط الصنف الممتاز المصري بأصناف رديئة مستوردة ، والتهاون في شروط استيراد القطن من الأصناف الأخري قليلة الجودة .

أما مرحلة التدهور الكبيرة والأشد وضوحاً في مساحة القطن بل وفي جودته فكانت منذ عام 1981 وخاصةً مع قدوم مبارك و يوسف والي وزيراً للزراعة وكأنه رسم خطة التراجع هذه والتي وصلت بمساحة القطن من 2 مليون فدان لتصل الآن في العام 2006 الي 446 ألف أي تراجع بنحو 80 % ، والعجيب أنه عندما تنبه البعض لهذه الكارثة وسألوه عما دفعه لذلك كان يقول: كنت أنفذ سياسة الحكومة. والأعجب أن الحكومة كانت لا ترد ولا تدافع عن نفسها ، ويا ليت الأمر اقتصرعلي تخفيض مساحة الزراعة وحجم الانتاج ، وقلة وجود الشعر والبذرة ، بل الأمر وصل وعلي يد سياسة والي أيضاً إلي تدهور جودته بعدما تهاونت الحكومة وسمحت بخلط أصناف رديئة مع أصناف جيدة من القطن .

ومن الحجج التي كانت الحكومة تروج لها لتبرير ذلك أنها تسعي لزيادة الانتاج بتكاليف أقل لتوفير خامات الكساء للشعب الفقير!

فإنه كان من المعتاد أن الدولة تفرض شروطاً حازمة لاستيراد القطن تضمن بها عدم تأثر القطن المصري الممتاز بالأصناف قليلة الجودة المستوردة ، منها أن يتم تعقيم وتشحيم القطن في ميناء الشحن لقتل أي آفة فيه ، ثم يعقم مرة ثانية في ميناء التفريغ بالاسكندرية ، والمصانع التي تستقبله يجب أن تكون في هوامش الصحراء حتي لا يختلط بأي شكل من الأشكال مع القطن المصري ، وكان ممنوعاً منعاً باتاً استيراد البذرة .

فماذا يحدث الآن ، انتهي الأمر إلي أننا لانعقم القطن لا في ميناء الشحن ولا في ميناء التفريغ ، وأصبحنا نستورد البذرة ، وممن ؟ من " إسرائيل" (!!) ، وهذه البذرة عندما زرعها الفلاح المصري ( لم تنبت ) وعندما سألوا والي عن ذلك قال: "الفلاح هو اللي معرفش يزرعها" !! بل وسعي إلي حرمان مصر من ميزة قطن طويل التيلة تماماً ،وقالها صراحةً : سوف نقلع عن زراعة القطن طويل التيلة تماما ، ونتحول لقصير التيلة للوفاء بمتطلبات الشعب المصري من الكساء !! ولكنه وجد من وقف ضده وقال : لا .

تداعيات خفض المساحة

محصول القطن الناتج عن الزراعة هو بداية سلسلة كبيرة وهامة جداً في الاقتصاد المصري ، وأي تأثير عليه بالحجم أو الجودة لا بد وسيؤثر علي بقية حلقات السلسلة بدءاً من محالج القطن وصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والزيت والصابون والعلف وكل ما يعتمد علي محصول القطن من صناعات حيوية .

والعرض السريع التالي يعطي صورة مختصرة لهذه التأثيرات :

1- المحالج التي يتم فيها أول مراحل الصناعة وهي تحويل القطن الي شعر وفصله عن البذرة ، تراجع الإنتاج فيها من 10 مليون قنطار قبل عام 1980 إلي 2 مليون الآن ، وهذا لا يكفي حتي الصناعة المحلية ، فمال بالك بالحاجة إلي التصدير ؟! وبالتالي أثر الأمر علي عدد المحالج من 72 محلج إلي 40 ، وحتي هذه الـ 40 لاتجد كفايتها من القطن لتحلجه .

2- إنتاج الزيت في مصر كان أساساً من بذرة القطن ، ولكن نظراً لتراجع محصول القطن تراجعت بالتالي صناعة الزيت ، وأصبحنا نستورد 95 % من احتياجاتنا وأدخلنا فول الصويا في التصنيع ودوَّار الشمس ( عبَّاد ) الشمس وغيرها.

3- و نتيجة لعدم وجود البذرة وقلة عدد المعاصر فإن الكُسُب ( أحد مكونات العلف الحيواني ) لم يعد متوافراً بكمية مناسبة أيضاً فقل العلف وبالتالي ارتفع سعره وبالتالي ارتفع سعر اللحوم والألبان .

4- ونقص كمية الزيت أدي إلي نقص في صناعة الصابون ، وأصبحت بلدنا مليئة بالصابون المستورد .

5- وأيضا نقص كمية القطن والشعر يؤدي تلقائيا إلي تراجع صناعة الغزل والنسيح ومن ثم الملابس الجاهزة القطنية ، حتي وصل الأمر في النهاية إلي خسارة بعض المصانع .

وكما أن هذه التأثيرات ناتجة عن قلة انتاج القطن، فإنه قلة الانتاج نفسها كما تسبب فيها تهاون الجهات الرسمية ، أثَّر فيها أيضا الوضع الاقتصادي العام وموجة الغلاء ، بمعني أن تكاليف الانتاج وإيجار الأراضي والأيدي العاملة ارتفعت بشكل كبير ، وكل هذا أصبح يمثل عباءاً كبيرا علي الفلاح لا يطيقه بسهولة ، وحصيلة بيع القطن لا تساوي قيمة التكاليف ؛ فعزف الفلاح عنه إلي زراعة الخضر والفاكهة ؛ لأنه وجدها أفضل في حجم الانتاج وأقل في التكاليف ، ويبيعه بالسعرالذي يريد ، بدلا من تحكم الدولة في سعر القطن .

حلول الحكومة

ونظراً لحاجتها للعملة الصعبة فإن الحكومة تحاول مرة ثانية أن تشجع الناس لزيادة مساحة القطن حتي لا نخرج من الأنواع الممتازة ، فلجأت لعدد من الحلول هي في نظر خبير الجغرافيا الاقتصادية الدكتورمحمد الديب غير ناجحة في تطبيها ، ومنها أنها سمحت للقطاع الخاص أن يُتاجر في القطن ويشتري المحالج والمصانع بعد أن كانت حكراً عليها ، ولكن كان المفترض أن الحكومة تشجع القطاع الخاص علي بناء محالج ومصانع جديدة ؛ليُضيف إليها ويوسع قاعدة الصناعة جنباً إلي جنب مع سياسة حكومية جديدة تشجع الفلاح علي زراعة القطن ، أما أن تبيع له ما عندها فماذا يكون قد أضاف ؟ّ

أما الحل الأفضل عند الدكتور سعد فهو في أن تعيد الحكومة النظر في سياستها السعرية للقطن ، فحتي الآن الحكومة تأخذ القطن بسعر جبري من الفلاح الذي لا يكسب منه كثيرا فيعزف بالتالي عن زراعته ، خاصةً وهو يعلم أن الحكومة تشتريه منه بثمن قليل ،مع أنها تستفيد منه أضعافاً مضاعفة ، فمثلا هي تحاسبه فقط علي ثمن القطن ولا تحاسبه علي ثمن البذرة التي في الثمرة ،رغم أنها تستخدمها في صناعة الزيت والصابون والأعلاف ، أي تأتي لها بعوائد إضافية !

ومقارنةً مع الأسعار الدولية فإنه في السوق الدولية وصل سعر رطل القطن في العام 2006 إلي 56 سنتا أي نحو نصف دولار وهو ما يساوي 3 جنيه مصري ، ولكن بالسعر الذي تشتريه الحكومة المصرية من الفلاح فإن الرطل عندنا يساوي 25 سنتا أو أقل!

ولذلك علي الحكومة أن تراعي مقاييس السوق الدولية في تحديد سعر شراء القطن من الفلاح ، وأن تحاسبه علي سعر البذرة ؛ لكي يعوضه هذا عن الخسارة في تكاليف الانتاج ، خاصةً وأن القطن أصبح عليه اليوم إقبال كبير جداً من الداخل والخارج .

السوق فارغة!

الدكتور محمد رياض استاذ الجغرافيا البشرية بجامعة عين شمس فسَّر عدم عثور المواطن المصري علي الملابس القطنية الأصلية في السوق بأن العالم المتقدم بعدما اخترع الملابس الصناعية واكتشف بعد ذلك سيئاتها، عاد بقوة إلي استعمال الملابس القطنية ، فأصبحت بيوت الأزياء تحرص علي أن يكون لها حصة في انتاج الدول المنتجة للقطن ومنها مصر ، ولهذا نجد أن القطن المصري الممتاز صعب وجوده في السوق المصري ، وإن وُجِد فبأسعار عالية جدا .

والعمالة أيضاً من أبرز أسباب تضاؤل مساحة زراعة القطن وبالتالي وجوده في السوق ؛لأن الأطفال والشباب الذين كانوا يجمعون القطن زمان الآن هم إما تلامذة أو يعملون في صناعات أخري ، والعمالة القليلة الموجودة أصحبت مكلفة جداً ، فبعد أن كان العامل ومنذ وقت قريب أجرته في اليوم 2 أو 3 جنيه أصبحت 35 جنيها ، وهذا مما لا يطيقه صاحب المحصول .

والنقل أيضا مكلف جدا ، فبعد أن كان الفلاح يستخدم الحمير والبغال وهي غير مكلفة ، أصبح الآن يستخدم سيارات النقل بأجور كبيرة ، حتي حينما يلجأ الفلاح إلي بنك الائتمان الزراعي ليساعده بقرض ميسر لسداد هذه التكاليف العالية لحين جني المحصول وبيعه ، فإن ثمن بيعه الذي تحدده الحكومة عندما يخصم منه الأجور يجد نفسه في النهاية لم يحقق مكسباً يذكر ؛ ويعجز عن سداد قسط البنك ، فتتراكم عليه الديون بفوائدها التي تتضاعف عليه يوماً بعد يوم دون مراعاة من البنك لما تتكلفه الأرض الزراعية.. فماذا يفعل الفلاح ؟!

عدد القراءات : 13468
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
قوم درجني وارمش قدامي لا تخاف
قوم درجني و ارمش قدامي لا تخاف من اهلي ولا اعمامي لو تشوف الدقه حدر الثامي لوتشوف الدقه رحدالثامي كان انهبلت وصابتك جنيه جنيه جعل هل جنبه تدخل فيك